کد مطلب:239390 شنبه 1 فروردين 1394 آمار بازدید:254

مدی سریة الدعوة
و الظاهر .. أن عبدالله بن معاویة كان من جملة أولئك المخدوعین بهذه الشعارات ؛ اذ قد ذكر المؤرخون، و منهم أبوالفرج فی مقاتل الطالبیین ص 168 ، و غیره : أنه بعد ان استظهر ابن ضبارة علی عبدالله ابن معاویة توجه عبدالله الی خراسان، و كان أبومسلم قد ظهر بها؛ فخرج الی أبی مسلم طمعا فی نصرته !! فأخذه أبومسلم ؛ فحسبه، ثم قتله ..



[ صفحه 33]



و هذا یدل دلالة واضحة علی أن عبدالله بن معاویة كان یظن أن أبامسلم سوف ینصره، و أنه - یعنی أبامسلم - كان یدعو الی أهل البیت، و الرضا من آل محمد علی الحقیقة، و لم یخطر فی باله : أن الدعوة كانت للعباسیین ، و بتدبیر من أعظم داهیة فیهم !! ..

بل لعلنا نستطیع أن نقول : ان محمد بن علی قد استطاع أن یخفی هذا الأمر حتی عن ولدیه : السفاح، و المنصور، و لذا نراهما قد التحقا مع جمیع بنی هاشم العباسیین و العلویین علی حد سواء، و بعض الأمویین [1] و وجوه قریش بعبدالله بن معاویة الخارج سنة 127 ه . فی الكوفة، ثم فی شیراز ؛ حیث تغلب علی : فارس، و كورها، و علی حلوان، و قومس، و اصبهان، و الری و علی میاه الكوفة، و علی میاه البصرة، و علی همدان، و قم، و اصطخر، و عظم أمره جدا [2] .

و قد تولی المنصور من قبل عبدالله بن معاویة هذا علی «ایذج» [3] كما تولی غیره غیر ذلك من الأمصار .. فقبول المنصور لولایة «ایذج» من قبله، باعتباره من الهاشمیین یكشف عن أنه لم یكن یعلم : أن والده كان ابتداءا من سنة مئة، أی قبل خروج عبدالله بن معاویة ب»28« سنة یسعی جاهدا، و یشقی و یتعب فی تدبیر الامر للعباسیین ، و تركیز الدعوة لهم ... و انما كان یعلم أن الدعوة كانت لأهل البیت، و الرضا من



[ صفحه 34]



آل محمد، المنطبق - بالطبع - علی العلویین أكثر من غیرهم علی الاطلاق ..

و الا فلو كان لمحمد بن علی دعوة واضحة، و مشهورة، و متمیزة، و كان المنصور یعلم بها لكان تولیه لایذج من قبل عبدالله بن معاویة مضرا جدا فی دعوة أبیه، و ضربة قاضیة لها ..

اللهم الا أن یكون ثمة غرض آخر أهم ؛ فیكون ذلك منهم حنكة و دهاء ... كأن یكون نظرهم الی أنه : لو نجحت دعوتهم، فیها .. و الا .. فلو نجحت دعوة عبدالله بن معاویة، فباستطاعتهم أن یحتفظوا فیها بمراكزهم، و نفوذهم ؛ اذ لهم أن یقولوا : اننا كنا من المعاونین و المساهمین فی هذه الدعوة ... كما أن بذلك تنصرف أنظار الحكام عنهم، و یأمن العلویون جانبهم ؛ فلا یناهضون دعوتهم و لا یقفون فی وجهها ... و بهذه الاسباب نستطیع أن نفسر بیعة العباسیین جمیعا، اكثر من مرة لمحمد بن عبدالله العلوی، و به أیضا نفسر جواب المنصور لسائله عن محمد بن عبدالله هذا ، حیث قال : « هذا محمد بن عبدالله بن الحسن ابن الحسن، مهدینا أهل البیت » و یأخذ بركابه، و یسوی علیه ثیابه [4] و أیضا قوله فی مجلس البیعة لمحمد هذا : «ما الناس أصور أعناقا، و لا أسرع اجابة منهم لهذا الفتی ..» كما سیأتی ..

و مما یوضح أیضا مدی تكتم العباسیین بأمر دعوتهم، أن : ابراهیم الامام قد بشر بأنه قد أخذت له البیعة بخراسان - و هو فی نفس الاجتماع الذی كان قد عقد لیجددوا فی البیعة لمحمد بن عبدالله بن الحسن ... و سیأتی المزید من الشواهد لهذا أیضا ان شاء الله تعالی .

و هكذا .. فان النتیجة تكون هی : أن العباسیین ظلوا یتسترون



[ صفحه 35]



بالعلویین، و یخدعونهم، علی اعتبار أنهم لو نجحوا فی دعوتهم السریة، فان بیعتهم للعلویین، و دعوتهم لهم لا تضرهم، و اذا ما فشلوا فانهم سوف یحتفظون بنفوذهم و مراكزهم فی دولة أبناء عمهم ...

هذا مجمل الكلام بالنسبة للدعوة العباسیة، و لكن طبیعة البحث تفرض علینا التوسع فی بیان المراحل التی مرت بها هذه الدعوة، و لا سیما فیما یتعلق بربطها بأهل البیت علیهم السلام، و العلویین، و مدی اعتمادهم علی هذا الربط .. فنقول :


[1] الأغاني ج 11 ص 74، و مقاتل الطالبيين ص 167، و الوزراء و الكتاب ص 98.

[2] راجع أنساب الأشراف ص 63، و الأغاني ج 11 ص 74، و مقاتل الطالبيين ص 167، و البداية و النهاية ج 10 ص 26 ،25، و ص 3، و عمدة الطالب، و زاد في تاريخ الجنس العربي : المدائن، و نيسابور.

[3] أنساب الأشراف للبلاذري ص 63، و عمدة الطالب في أنساب آل أبي طالب طبع بمبئي ص 22، و الوزراء و الكتاب ص 89 و 99، و فرج المهموم في تاريخ علماء النجوم ص 210 . و فيه : أن سليمان بن حبيب بن المهلب أخذه ؛ فحبسه، و أراد قتله، فسلم المنصور منه بعد أن أشرف علي القتل .. و ليراجع الجهشياري أيضا.

[4] مقاتل الطالبيين ص 240 ،239.